كيفية ترقيع الصلاة عند المالكية
يُعتبر موضوع سجود السهو أوما يُعرف بترقيع الصلاة وإصلاحها عند المذهب المالكي من المواضيع الهامة التي تهم المسلم؛ وذلك لتعلّقه بركن من أركان الإسلام، وعمود الدين، وخير الأعمال كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولَن يحافظَ على الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ)،[1]
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحافظة على الصلاة وإقامتها، ومعرفة أحكامها، وحتى يقوم المسلم بالصلاة كا أُمر منه لا بدّ له أن يعرف كيفية إصلاحها فيما إذا سَهَا في صلاته، فما المقصود بإصلاح الصلاة وترقيعها؟ وما حكمه في المذهب المالكي؟ وما هي أسبابه؟ وما هي كيفيّته؟[2]
المقصود بترقيع الصلاة
تُعرّف الصّلاة في اللغة بالدعاء؛ وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)،[3] أي؛ أُدع لهم. أما الصّلاة في الاصطلاح عند الفقهاء فهي عبارة عن أقوال وأفعال مخصوصة، يفعلها المسلم، يفتتحها بالتكبير ويختتمها بالتسليم مع وجود النية بشروط مخصوصة.[4]
أما ترقيع الصلاة فهو مصطلح يطلقه فقهاء المذهب المالكي على موضوع السهو والمسائل المتعلقة بإصلاح الصلاة، ويُقصَد بالسهو: (الذهول في الشيء وعنه)،[5] ويُقصَد بسجود السهو: ما يكون في آخر الصلاة أو بعدها لجبر خلل فيها؛ سواء بترك المصلي لبعضٍ مأمورٍ به أو فعل بعض منهي عنه دون تعمُّد.[6]
حكم ترقيع الصلاة ومشروعيته
اتفق الفقهاء على مشروعية سجود السهو في الصّلاة، فذهب فقهاء المالكية إلى سُنّية سجود السهو، أو ما يُعرف بترقيع الصلاة؛ سواء كان محلّه قبل انتهاء الصّلاة أو بعدها، أمّا إن كان السجود قبلياً فقد اختلفت الروايات في قول الإمام مالك فيه، وذهب ابن رشد الجد وابن رشد الحفيد، والقاضي عبد الوهاب من المذهب المالكي إلى وجوبه؛ إلّا أنّه لا تبطل صلاة المصلي بترك هذا السجود سواء كان عمداً أو سهواً؛ إلّا إذا ترتّب هذا السجود عن ترك ثلاث سنن فأكثر، أو طال الفصل، أو خرج المصلي من المسجد، ولا خلاف عند فقهاء المذهب في عدم وجوب السجود البعدي.[7]
مشروعية سجود السهو
يوجد العديد من الأحاديث النبوية التي تدل على مشروعية سجود السهو (ترقيع الصلاة )منها:
ما رواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: (صلَّى بنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الظُّهرَ خمسًا، فقِيلَ: أزِيدَ في الصلاةِ ؟ قال: وما ذاكَ؟ قالوا: صلَّيتَ خمساً، فسجَد سجدتَينِ بعد ما سلَّم)[8] .
ما رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: (إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه، فلا يدري أواحدةً أم اثنتَيْن أم ثلاثًا أم أربعاً ؟ فليُتمَّ ما شكَّ فيه، ثمَّ ليسجُدْ سجدتَيْن وهو جالسٌ، فإن كانت صلاتُه ناقصةً فقد أتمَّها، والسَّجدتان ترغيمٌ للشَّيطانِ، وإن كان أتمَّ صلاتَه، فالرَّكعةُ والسَّجدتان نافلةٌ له)[9]
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ أحدَكم إذا قامَ يصلِّي جاءهُ الشَّيطانُ فلبَّسَ عليهِ حتَّى لا يدريَ كم صلَّى، فإذا وجدَ ذلكَ أحدُكُمْ، فليسجُدْ سجدتينِ وهوَ جالسٌ)[10]
أسباب ترقيع الصلاة
لسجود السهو ثلاثة أسباب هي:[7]
النقص: وذلك بأن يترك المصلي سنّة مؤكدة داخلة في الصلاة؛ سواء أكان هذا الترك عمداً أو سهواً؛ كأن يترك تكبيرتين عدا تكبيرة الإحرام.
الزيادة: وهي حالتين؛
الأولى: أن تكون الزيادة زيادة فعل غير كثير وليس من جنس الصلاة؛ كالكلام الخفيف، والأكل الخفيف.
الثانية: أن تكون الزيادة زيادة فعل من جنس الصلاة.
النقص والزيادة معاً: وذلك بأن يُنقص المُصلّي سنة ولو كانت غير مؤكّدة، والزيادة ورد ذكرها في النقطة السابقة.
الشك: فيه قولان هل يسجد له أم لا، وفي حالة السجود هل يكون قبل السلام أم بعده، فيها قولان في المذهب المالكي، فإن شكّ في عدد الركعات؛ بَنَى على الأقل وسجد للسهو، قيل قبل السلام وقيل بعد السلام.[11]
كيفية ترقيع الصلاة
اتفق العلماء في المذاهب الفقهيّة الأربعة على أنّ سجود السهو عبارة عن سجدتين يؤديهما المصلّي في حالة سهوه في أدائه للصلاة بشكل عام، أما في المذهب المالكي ففرّق الفقهاء في المذهب بين حالة إذا كان سجود السهو ناتج عن نقص في الصلاة أو زيادة فيها، أو ناتج عن نقص وزيادة في الصلاة معاً؛
فإذا كان سجود السهو ناتج عن النقص في الصلاة، فكيفيته كما يلي:
- أن يسجد المُصلّي سجدتين قبل التسليم من الصلاة.
- أن يقول المُصلّي التشهّد بدون أن يقرأ الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
- أن يُسلّم المُصلّي.
أما إذا كان سجود السهو ناتج عن زيادة في الصلاة، فكيفيته كما يلي:
- أن يُنهي المُصلّي أداء صلاته ويُسلّم منها.
- أن يسجد المُصلّي سجدتَي السهو، مع استحضاره لنية سجود السهو.
- أن يقرأ المُصلّي التشهد بدون الدعاء، أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
- أن يُسلّم المُصلّي.
أما إذا كان سجود السهو ناتج عن نقص وزيادة في الصلاة معاً، فإنّ كيفية السجود تكون كما هي في حالة النقص في الصلاة؛ أي يتم ترجيح جانب النقصان على الزيادة، ويكون محل سجود السهو قبل السلام من الصلاة.[12][7]
واجبات وسنن سجود السهو
لترقيع الصلاة (سجود السهو) عند فقهاء المذهب المالكي واجبات وسنن، أما الواجبات فخمسة واجبات، وأما السنن فاثنتين:[7]
الواجبات في سجود السهو هي:
النية؛ ويُقصد بها نية الإتيان بسجود السهو، فالنية في السجود القبلي تندرج في نية الصلاة.
السجدة الأولى.
السجدة الثانية.
الجلوس بين السجدتين الأولى والثانية.
السلام، فالسلام في السجود القبلي يندرج في سلام الصلاة.
أما سنن سجود السهو، فهما:
التكبير في الخفض والرفع من السجود.
التشهد.
المراجع
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصفحة أو الرقم: 1/130، إسناده صحيح.
- ↑ أحمد الطهطاوي، سجود السهو أو ترقيع الصلاة في المذهب المالكي، مصر: دار الفضيلة، صفحة 3-8. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 103.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 51، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ أحمد الطهطاوي، سجود السهو أو ترقيع الصلاة في المذهب المالكي، مصر: دار الفضيلة، صفحة 3-8. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 234، جزء 24. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أحمد الطهطاوي، سجود السهو أو ترقيع الصلاة في المذهب المالكي، مصر: دار الفضيلة، صفحة 32-40. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 7249، صحيح.
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 5/22، ثابت.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
- ↑ “سجود السهو عند السادة المالكية”، الشبكة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2017. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 408-410، جزء 1. بتصرّف.